تتجه الأنظار، إلى مدينة سرت الليبية، حيث تستأنف اللجنة العسكرية المشتركة اجتماعاتها التي كانت توقفت منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ومن المقرر أن يمتد الاجتماع حتى 16 يناير، بحضور المبعوث الاممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي.
وخاضت لجنة "5+5" أواخر العام الماضي جولات دولية من أجل حلحلة ملف خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، وكان أبرزها اجتماع تركيا وروسيا بهدف وضع جدول زمني لإخراج المرتزقة، وتمكنت اللجنة العسكرية المشتركة من الحصول على ضمانات روسية تركية بأن يكون الانسحاب متزامناً من قبل جميع الأطراف.
مجهودات عسكرية وصفها بعض الخبراء بـ"المبتورة، نظراً إلى ارتباطها بأطراف الصراع السياسي"، بينما قال آخرون إن "اللجنة نجحت في الحفاظ على وقف إطلاق النار من الانهيار الكلي على الرغم من الظروف الأمنية والسياسية التي عصفت به".
المجتمع الدولي
رئيس مركز "تمكين" للدراسات الاستراتيجية محمد المصباحي، يقول لـ"اندبندنت عربية" إن "لجنة (5+5) تركت وحدها من قبل المجتمع الدولي، بل وتمت محاربتها من قبل الحكومات المتصارعة، باعتبار أن عملها لا يتمثل فحسب في إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية بل وفي تسريح الميليشيات المسلحة".
ويتابع المصباحي أن "هذه الميليشيات هي مجرد واجهة للأطراف السياسية المتصارعة التي تسهر على تغذيتها مالياً مقابل تحقيق أهدافها على الأرض"، مؤكداً أنه "لولا هذه الأطراف السياسية لتمكنت اللجنة المشتركة من حل إشكالية انتشار السلاح وتسريح القوات غير الشرعية خلال الفترة الماضية".
وأوضح رئيس مركز "تمكين" للدراسات الاستراتيجية أن "الحكومات هي من تعرقل عمل اللجنة العسكرية، حيث وصل بها الأمر إلى حد ضرب عرض الحائط بقرارات اللجنة، خصوصاً أن المجتمع الدولي تركها وحيدة، وقرار جنيف لم يطبق منه شيء سوى تنصيب الحكومة والمجلس الرئاسي".
وطالب المصباحي المبعوث الأممي إلى ليبيا بدعم عمل اللجنة العسكرية المشتركة عبر إعادة تفعيل دور المجتمع الدولي في ملف خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا بموجب ضمانات قانونية، بخاصة أن هناك دولاً عدة متورطة في هذه الإشكالية على رأسها تركيا والسودان وروسيا، وجميعهم سبق أن التزموا بسحب مقاتليهم من البلاد، لكنهم لم يطبقوا ذلك على أرض الواقع بسبب غياب قوة العقوبات الدولية".
وتابع المصباحي أن "لجنة (5+5) قامت بعمل يحسب لها، ويتمثل في فتح الطريق الساحلي وتأمينه، وهو الذي يعد بمثابة الشريان الحيوي الذي يربط بين الغرب والشرق".
الاستقرار السياسي
المحلل السياسي حازم الرايس يرى أن اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة، الذي سينطلق غداً الأحد، يأتي في إطار الحفاظ على ميثاق وقف إطلاق النار من الانهيار، بخاصة بعد الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها مدينتا الزاوية والعجيلات غرب البلد وكشفت عن هشاشة الوضع الأمني بهما".
وقال الرايس إن "التحدي الأكبر أمام لجنة (5+5) هو الحفاظ على استقرار الأوضاع الأمنية والحيلولة دون عودة البلد إلى مربع الاحتراب الداخلي بين القطب العسكري الغربي والقطب العسكري الشرقي، واللجنة العسكرية المشتركة نجحت في ذلك في ظل غياب حكومة وطنية موحدة تبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي وتؤمن حدوده".
ولم يخف الرايس دهشته من تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا ومفادها أن" اتفاق وقف إطلاق النار قد تم خرقه بشكل يؤدي إلى انهياره"، مؤكداً أن "الاتفاق لا يزال صامداً، ولا توجد انتهاكات تذكر سوي بعض التوترات الأمنية والحشود العسكرية".
وشدد المتحدث ذاته على أن "مسألة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية ليست واقعياً في يد اللجنة العسكرية المشتركة، ولن تتمكن من فعل أي شيء في هذا الجانب، لأن الوجود الأجنبي مرتبط بصراع دولي بين قوى عظمى".
وأشار الرايس إلى أن "موضوع طردهم يتطلب حالاً من الاستقرار السياسي داخل ليبيا، وتوحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية واحدة تأتي من خلال سلطات منتخبة، حتى تتمكن الدولة الليبية من التفاوض بلسان واحد مع الدول التي تدفع بمرتزقتها في البلاد وتتمكن من إخراجهم منها".