كما كان متوقعًا، دشن المبعوث الأممي عبدالله باتيلي مهمته في ليبيا بسلسلة لقاءات لم تختلف عن مثيلاتها التي أجراها أسلافه في البعثة الأممية بحثا عن حل للأزمة الليبية. وبين شرق وغرب البلاد تمضي تحركات المبعوث الأممي الجديد مع بعض الأطراف الفاعلة في البلاد تحت عناوين عريضة ومكررة، أبرزها «المسار التوافقي نحو انتخابات نزيهة».
حد، وبعد أقل من 48 ساعة من وصوله العاصمة طرابلس، بدأ المسؤول الأممي مهمته بلقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وعضو المجلس عبدالله اللافي، وكانت رسالة المجلس خلال اللقاء هي حديث عام عن «الاتفاق التام على أن الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى للوصول إلى حل سياسي عاجل للأزمة الليبية»، دون تصريح معلن عن آليات واضحة تضع هذا الاتفاق موضع التنفيذ.
لقاءات باتليلي مع المنفي والدبيية وعقيلة
وكان الملاحظ هو غياب أية تصريحات رسمية صدرت عن اللقاء بشأن الملتقى التحضيري لمؤتمر المصالحة الوطنية المقرر بداية شهر نوفمبر، للوصول إلى توافقات وطنية حول ميثاق وطني وتوصيات تأسيسية وتشريعية وتنفيذية، وهو المشروع الذي يتبناه الرئاسي منذ إطلاقه في يونيو الماضي.
وبعد ساعات من اللقاء مع المجلس الرئاسي، كانت مباحثات باتيلي مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبة الذي أكد دعم حكومته مهمة المبعوث الأممي والوصول للانتخابات في ليبيا في أسرع وقت، لكن اللافت أن المبعوث الأممي لم يلتقِ حتى اللحظة – رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، رغم أن هذه الحكومة استقبلت مهمة المبعوث الجديد بالترحيب وتأكيد «الحرص التام على سلمية التداول على السلطة».
أما في لقاء باتيلي مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، فقد كان لافتًا الحديث عن مناقشة «خيارات معالجة الوضع السياسي»، وفق بيان البعثة الأممية التي لم تفصح عن تفاصيل هذه الخيارات.
وقف التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي
كما احتل الحديث عن ضرورة وقف التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي مساحة من مباحثات باتيلي هذا الأسبوع، وهو ما تمخض عنه اجتماعه مع وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الموقتة نجلاء المنقوش، اليوم الأربعاء، إذ جاء تأكيده على أن «الحل للأزمة الليبية يجب أن يأتي من الليبيين أنفسهم». علاوة على دعم جهود حكومة الوحدة الوطنية الموقتة نحو العملية الانتخابية، وأهمية إرساء مسار توافقي للسلام والاستقرار بقيادة ليبية.
– باتيلي بحث العوائق القانونية مع السايح ويؤكد: ندعم «المفوضية» في تحقيق طموحات الليبيين
– باتيلي يبحث مع بن قدارة «تعزيز استقلالية» مؤسسة النفط
– باتيلي يدعو إلى استئناف الحوار بين الحداد والناظوري
– الدبيبة يقدم للمبعوث الأممي «عروضا توضيحية لمؤشرات الإنفاق الحكومي»
– خلال لقائه عقيلة صالح.. باتيلي يؤكد أهمية إرساء مسار توافقي بقيادة ليبية
وفي سياق تمهيد الطريق نحو الانتخابات، كانت مباحثات باتيلي ورئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح وتأكيده «استمرار دعم البعثة والمجتمع الدولي لمفوضية للانتخابات الليبية»، وكان الملمح البارز في هذا اللقاء هو «بحث التحديات والعراقيل التي مرت بها انتخابات 24 ديسمبر الماضي وإمكانية إيجاد حلول قانونية وفنية للمضي قدمًا في العملية الانتخابية بما يحقق نجاحها وتلقى قبولًا من كل الأطراف السياسية»، وهو ما قد يستدعي التوصل لتفاهمات جديدة حسب محللين.
المسار العسكري كان حاضرًا أيضًا في الأيام الأولى لتحركات باتيلي، إذ التقى رئيس الأركان العامة التابعة لحكومة الوحدة، الفريق أول محمد الحداد، في طرابلس يوم الثلاثاء، وكان ملف توحيد المؤسسة العسكرية في صلب المناقشات، ومع ترحيبه «بالخطوات الرامية نحو توحيد المؤسسة العسكرية»، فإنه دعا إلى استئناف الحوار بين رئيسي هيئة الأركان العامة، مؤكدًا ضرورة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية الليبية.
توحيد المؤسسة العسكرية
وفي حين لم يلتق المبعوث الأممي بأحد قيادات قوات القيادة العامة حتى اللحظة، إلا أن دعوته لتوحيد المؤسسة العسكرية تأتي على أرضية إيجابية بعد أيام من لقاء الحداد مع رئيس أركان قوات القيادة العامة الفريق أول عبدالرازق الناظوري في المعرض الدولي للطيران والدفاع في 13 أكتوبر الجاري، لكن لم يبدِ أي نقاش واضح بشأن المجموعات المسلحة في ليبيا وفوضى السلاح.
اقتصاديًا، كان ملف النفط والإيرادات الحكومية وجهة مهمة لمباحثات باتيلي مع الأطراف والفاعلين الليبيين، إذ قدم الدبيبة، «عروضًا توضيحية بشأن مؤشرات الإنفاق الحكومي وعدالة التوزيع، وملامح خارطة الطريق التي توصلت لها لجنة عودة الأمانة للشعب، المشكلة في مارس الماضي، مؤكدًا دعم الحكومة مهمته في ليبيا، كما بحث مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، «سبل ووسائل تعزيز استقلالية المؤسسة الوطنية للنفط كمؤسسة سيادية»، إذ شدد بن قدارة «على حيادية المؤسسة وبعدها عن أي تجاذبات سياسية، وعدم تدخل أي جهة في عمل المؤسسة»، لافتًا إلى «أنها تتعامل مع كافة الشركات والدول، وفق ما تقتضيه اللوائح والقوانين»، وفق بيان المؤسسة.
ومع استمرار الوجوه المكررة واللقاءات المعتادة، لا يبدي محللون تفاؤلًا مبدئيًا بشأن اختراق في جهود الوساطة، خصوصًا أن ليبيا تحتاج قبل الانتخابات إلى حل الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، وجمع السلاح المنتشر عند الأهالي، ورحيل المرتزقة والقوات الأجنبية الجاثمة على الأراضي الليبية، والعمل على المصالحة، وذلك بإطلاق المصالحة الوطنية الشاملة، وهي مهام تحتاج إلى دور أممي أكبر من وساطة.
0 Comments: