هل تحتاج ليبيا للمصالحة الاقتصادية؟
أهمية مصطلح المصالحة الاقتصادية:
أن المصالحة عبارة عن نتيجة لخطوات عملية ومهمة ضمن مسلسل طويل للعدالة الانتقالية يركز فيها، بالنسبة لنا في ليبيا، على اعتراف الدولة بانتهاكاتها ضد الشعب الليبي، والاعتذار له عن جميع الحقب المجحفة ضده. لقد أستهجن الكاتب مع أول لقاء مع منظمة لا سلام بدون عدالة سنة 2012م مصطلح العدالة الانتقالية! وتعلم أيضاً بأنه لا يوجد منهج أحادي ولا آليات محددة للصلح وتحقيق المصالح للجميع. لذلك أرتأى الكاتب طرح أهمية المصالحة التاريخية التي عبر عنها بأخر مقالة له بعنوان: “المصالحة التاريخية والدور الأمريكي”، واليوم يطرح مصطلح يظن بأنه جديد: المصالحة الاقتصادية! إلا أنه تبين له بأنه قد استخدم كثيرا بتونس الشقيقة وبقدر في الجارة الجزائر وأيضاً في كندا.
تونس والمصالحة الاقتصادية والمالية:
في تونس تم ربط قانون العدالة الانتقالية بالمصالحة الاقتصادية وحسب وعود الباجي السبسي الانتخابية بأن يصدر عفو عام مقابل تعويض الدولة عن أموالها المنهوبة. وقد تبنت الحكومة بتاريخ 14 يوليو 2015 مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية وعرضته على البرلمان، ومع أنها كانت ستكون خطوة جريئة ومهمة للإصلاح والمصالحة في تونس إلا أنه قوبلت برفض شعبي واسع من المعارضين فهناك من يرى بأن ذلك إفلات من العقاب وتبييض لصورتهم والأموال المنهوبة! وقد أشار إلى ذلك الكاتب خميس بن بريك في مقالة بعنوان: “قانون المصالحة الاقتصادية بتونس عفو أم إفلات؟، ” نشرت على الجزيرة نت بتاريخ 6/5/2 2017 م، وحسب ما نقله عن السيد/ مكي بأنه: ” يجب إدخال تعديلات جوهرية على هذا القانون حتى لا يتعارض مع روح العدالة الانتقالية التي تقوم على أساس كشف الحقيقة والمحاسبة ثم المصالحة. ” وبنفس اللهجة صرح اتحاد الشغل بالقول بأن: “أي محاولة لطي صفحة الماضي لن تكون إلا داخل مسار الدستور، وعلى قاعدة المساءلة وكشف الحقيقة والمحاسبة ثم المصالحة بعيدا عن المقايضة والمصلحية”. وفي هذا الصدد يرى الكاتب بأن رد الأموال هو أحدى صيغ الاعتراف وكشف صريح للحقيقة بل يعتبر أيضاً محاسبة.
المصالحة الاقتصادية وتجربة الجزائر:
وصلت التقديرات غير الرسمية بالجارة الجزائر لحجم الفساد المالي، وحسب ما نقله عبدالحفيظ سجال بصحيفة نبوست (noonpost) بتاريخ 14/9/2021 م، حوالي 200 مليار دولار. وفي هذا الشأن أقترح السيد عبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقل أن تكون المصالحة المالية واقتصادية بالإفراج عن القابعين في السجون بسبب جرائم مالية مقابل إرجاع الأموال المسروقة لخزينة الدولة وعلل ذلك بسبب أن الفاسد المالي يتم بأوامر شفوية من سلطات عليا! وفي هذا الإطار تنشر الصحفية إيمان عويمر بالعربية أنديبندنت (independentarabia) بتاريخ 17 فبراير 2021م ما يصرح به السيد بلعيد حيث يدعو: ” إلى التفكير في إمكانية مصالحة اقتصادية مع المسؤولين المسجونين، وفتح نقاش حول النظام بشكل كامل وحوار شامل يستدعي مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والخبراء، “. في المقابل هناك من يرى عكس ذلك فالسيد الاقتصادي مصطفى بن خمو يقول : ” لا وجود لشيء يمكن تسميته بمصالحة مالية واقتصادية مع مسؤولين تورطوا في الفاسد”.
ملامح المصالحة الاقتصادية في ليبيا:
صحيح عملت الولايات المتحدة على مساندة الدولة الناشئة بتقديم تبرعات للحبوب بعد ديسمبر 1951 وفي 9 سبتمبر 1954، وقعت ليبيا اتفاقية عسكرية لمدة 20 عامًا مع الولايات المتحدة شملت منشآت عسكرية مختلفة من ضمنها استئجار قاعدة الملاحة “ويلس” الجوية بمبلغ إجمالي قدره 43 مليون دولار. والتي في الأساس بنتها القوات الجوية الإيطالية عام 1923م.
وبموجب الاتفاق تمنح الولايات المتحدة لليبيا مساعدة اقتصادية معينة، بمبالغ متفاوتة، تضاف إليها مساعدة فنية ثنائية في إطار النقطة الرابعة (حوالي 1.5 مليون دولار سنويًا) دون احتساب المشاركة الأمريكية في المساعدة الفنية للأمم المتحدة. وبغض النظر أن العملية كانت انتصارا لليبيا أو أمريكا فبالتأكيد هي مصالح مشتركة بين الطرفين. وتظل مسألة تصديق البرلمان على الاتفاقية المسألة الأهم!.
0 Comments: