تشهد مدينة بوزنيقة المغربية التوقيع بالأحرف الأولى على مخرجات لجنة "6+6" المشتركة بين مجلسي النواب والدولة الليبيين المكلّفة بإعداد قوانين الانتخابات، بينما بدأ العد التنازلي للمهلة التي حددها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي للطبقة السياسية والتي تنتهي منتصف الشهر الجاري قبل تفعيل خطته البديلة وسحب البساط من تحت أقدام الهيئات الليبية، فيما تتضاءل آمال جانب هام من الليبيين في أن تحقق توافقات اللجنة اختراقا في الأزمة.
وتوجه عقيلة صالح رئيس مجلس النواب وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة إلى المغرب في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين على أمل التوصل إلى اتفاق، حسبما قال عضو في مجلس النواب ومتحدث باسم المجلس الأعلى.
وصوتت لجنة "6+6" السبت في اجتماعها بمدينة بوزنيقة المغربية بالإجماع لمصلحة القوانين التي ستجرى وفقها الانتخابات في البلاد.
وقال المسؤول بديوان مجلس النواب الليبي، متحدثا من المغرب، إن "التوقيع كان من المفترض أن يتم الخميس الماضي إلا أن المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي رفض الذهاب إلى المملكة وطالب أن يتم ذلك داخل ليبيا"، مشيرا إلى أن "المحاولات لإقناع باتيلي بالحضور إلى المغرب لا تزال مستمرة".
وعن فحوى مخرجات اللجنة قال المسؤول الليبي إن "اللجنة توصلت لتفاهمات غير مسبوقة في ملف الانتخابات والتي من بينها وأهمها مسألة ترشح مزدوجي الجنسية لرئاسة البلاد".
ورفض الإفصاح بشكل مفصل عما تم التوافق حوله بشأن ترشح العسكريين، لكنه أوضح أن "اللجنة أقرت السماح بترشح مزدوجي الجنسية للرئاسة، على أن يتخلى من يحمل جنسية أخرى عنها في حال تمكنه من دخول الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية".
وتعترض لجنة 6+6 عراقيل عديدة، فيما ذهب بعض الفرقاء الليبيين إلى التشكيك في نزاهتها، إذ لم يدم التفاؤل طويلا بعد إعلانها في 23 مايو/أيار المنصرم في مؤتمر صحفي بالمغرب تحقيقها "توافقا كاملا" بشأن النقاط الخلافية المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة وأعضاء البرلمان، حتى خرجت أصوات من المجلس الأعلى للدولة تتحفظ بشأن هذا "التوافق" وتصفه بـ"المبدئي".
أحد المشككين في هذا "التوافق الكامل" كان عضو المجلس الأعلى للدولة محمد معزب، الذي اعتبره توافقا "مبدئيا وليس نهائيا" ويحتاج إلى موافقة المجلسين، لكن زميلته في المجلس نعيمة الحامي، لفتت في تصريح صحفي إلى أن التعديل الدستوري الـ13 منح لجنة (6+6) صلاحيات واسعة، منها "التوافق دون الرجوع إلى المجلسين".
وبالنسبة لمضمون "التوافق الكامل" الذي لم تعلن عنه اللجنة المشتركة بشكل رسمي، فكشف معزب، أنه يرتكز على السّماح بالترشّح للجميع دون شروط في الجولة الأولى، على أن يتم "تطبيق الشروط على الفائزين في الجولة الثانية منها اشتراط التنازل عن الجنسية الأجنبية.
حيث سيسمح بترشح العسكري للانتخابات الرئاسية شريطة استقالته من منصبه وفق معزب، الذي تحدث عن عدم قبول ترشّح من صدر ضدّه حكم.
ووفق هذا التوافق، فسيتم حل أكبر معضلتين أمام إجراء الانتخابات وهما ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، والإشارة هنا إلى حفتر، الذي لن يكون مضطرا للتخلي عن جنسيته الأميركية إلا إذا ضمن الصعود للدور الثاني من الانتخابات، كما يمكنه العودة إلى منصبه العسكري إذا خسر الانتخابات.
بينما من المستبعد السماح لسيف الإسلام القذافي، الترشح للرئاسيات بالنظر إلى صدور حكم نهائي من القضاء الليبي بإعدامه إثر إدانته بارتكاب "جرائم حرب"، فالمعسكرين الرئيسيين في البلاد متفقين على استبعاد القذافي الابن من الانتخابات، خاصة وأنه ليس له قوة عسكرية يمكنه الضغط بها أو تستطيع عرقلة الاقتراع.
ولكن هذا التوافق المبدئي على السماح بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، من المرجح أن يصطدم برفض أعضاء من المجلس الأعلى للدولة خاصة من الذين سبق لهم الاعتراض على التعديل الدستوري الـ13.
والأهم من ذلك أن كتائب المنطقة الغربية ترفض بشكل صارم ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، الأمر الذي من شأنه عرقلة إجراء الانتخابات.
وفيما يخص نظام الانتخاب، فتحدثت وسائل إعلام عربية عن اتفاق لجنة 6+6 على أن يكون 60 في المئة وفق نظام القوائم و40 بالمئة وفق نظام الفردي.
ومن شأن هذه النقطة أن ترضي الأحزاب السياسية بعد تبني مجلس النواب في طبرق (شرق) نظام الفردي، في قانون الانتخابات لعام 2021، وألغى تماما نظام القوائم ما اعتبر إقصاء غير مباشر لدور الأحزاب في الانتخابات البرلمانية.
ولن يكون إنجاز قوانين الانتخابات آخر المعضلات أمام إجراء الرئاسيات والبرلمانيات وإن كان أبرزها، فانتخابات 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، كانت ستجرى بقانون غير توافقي وعليه الكثير من الاعتراضات من حيث شكل والمضمون، ومع ذلك تقدمت جميع الأطراف البارزة للانتخابات، التي ألغيت لأسباب لا علاقة لها بالقوانين.
وحينها كانت الحكومة واحدة وموحدة، أما اليوم فهناك حكومتان، الأولى في الغرب برئاسة الدبيبة، والثانية في الشرق كُلف بتسييرها أسامة حماد، بعد توقيف مجلس النواب لرئيسها فتحي باشاغا، منتصف مايو/آيار المنصرم.
الوضع ملتبس حول الحكومة التي ستشرف على الانتخابات، هل هي حكومة الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة منبثقة من برلمان منتخب، أم حكومة مصغرة يتفق عليها مجلسي النواب والدولة وهو موقف يدعمه كل من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة وكذلك لجنة 6+6 المشتركة.
وأكد رئيس البرلمان مؤخرا رفضه إشراف حكومة الدبيبة على الانتخابات ودعاه إلى التنازل عن منصبه إذا أراد الترشح للرئاسيات، قائلا "يجب إجراؤها في ظل حكومة جديدة محايدة قبل نهاية العام الجاري".
أما الدبيبة، المعروف بدهائه، فقد فتح قناة تواصل مع حفتر لبحث تقاسم الوزارات السيادية، ما يعني إلغاء الحكومة المكلفة من مجلس النواب التي كان يقودها باشاغا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق