عقب مطالب كثيرة لمجلسي "النواب" و"الأعلى للدولة" في ليبيا، بضرورة "وضع حد لخلافاتهما السياسية، ووضع الإطار الدستوري المنظم لإجراء الانتخابات في البلاد"، يرجح بعض السياسيين "تحول هذه المطالب خلال أيام قليلة لما يشبه (التحذير) للمجلسين للحاق بالفرصة الأخيرة قبل تجاوز دورهما بشكل نهائي".
وأشاروا إلى أن المبعوث الأممي الثامن لليبيا، عبد الله باتيلي، "سيعلن في نهاية فبراير (شباط) الحالي، ربما خلال إحاطة سيقدمها أمام مجلس الأمن (خطة لبداية عملية سياسية جديدة) تقود لإنتاج الإطار الدستوري بمعزل عن المجلسين".
عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شراده، استبعد "وجود فرصة للتوافق بين مجلسه و(النواب) على آليات لتسوية النقاط العالقة في القاعدة الدستورية الخاصة بالانتخابات الرئاسية تحديداً، المتمثلة في السماح بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، خلال المدة المتبقية، التي لا تتجاوز أسابيع قليلة".
وأضاف لـ"الشرق الأوسط": "حتى لو اجتمع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري مجدداً في إحدى دول الجوار، وأعلنا التوافق والتفاهم حول القاعدة، فلا يوجد أمل حقيقي في التطبيق"، لافتاً إلى أن "التجربة الليبية خلال السنوات الماضية تؤكد نتيجة واحدة مفادها بأن المجموعات المسلحة بعموم البلاد، هي التي تتحكم في مصير أي اتفاق من حيث التطبيق على الأرض".
ويرى بن شراده أن "تلك القوى لا تتحرك من تلقاء ذاتها، إنما تتحرك امتثالاً لأجندات الدول الراعية لها، وللأسف لا توجد مؤسسة ليبية قادرة على التصدي لها"، مشدداً على أن "عقيلة صالح لا يمكنه القبول بأي قاعدة تستثني العسكريين أو مزدوجي الجنسية من الترشح، كون ذلك يغضب قائد قوات "القيادة العامة" خليفة حفتر، المتطلع لخوض السباق الرئاسي، بينما لا يستطيع المشري التنازل عن تلك البنود في ظل تمسك قيادات تشكيلات مسلحة بالمنطقة الغربية بها".
لكن بن شراده يؤكد أن رئيسي المجلسين "قد يكونان أحرص من الجميع على إبرام التوافق، لينسب لهما حل الأزمة السياسية، وربما أيضاً لتطلعهما إلى الحصول على بعض المكاسب الخاصة، إلا أنهما بالأساس لا يملكان تطبيق أي اتفاق"، مضيفاً: "للأسف لا يُمكن للرجلين إقناع القوى المسلحة بأن استمرار عدم التوافق حول الإطار الدستوري، سيدفع بالبعثة الأممية وبعض القوى الدولية لتجاوز دور كلا المجلسين إلى غير رجعة، وبالتالي ستفقد تلك القوى المسلحة أدواتها في تحديد مسار هذا الإطار الدستوري".
بن شراده أشار إلى "أن عدداً غير قليل من مجلسه، وكذلك من أعضاء البرلمان، لا يمانعون في تشكيل أي عملية سياسية جديدة تتمكن من إيجاد التوافق حول القاعدة الدستورية".
في المقابل توقع رئيس الهيئة التأسيسية لحزب "التجمع الوطني الليبي" أسعد زهيو، أن "يسارع المجلسان خلال مدة قليلة بإعلان التوافق بينهما حول الإطار الدستوري، وتحديداً قبل نهاية الشهر الحالي، عبر لقاء سوف يجمعهما في إحدى دول الجوار الليبي رفقة المبعوث الأممي"، مضيفاً لـ"الشرق الأوسط" أن "صالح والمشري يدركان جيداً وجود رغبة أميركية في إنهاء المراحل الانتقالية، والتوجه لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية العام الحالي، والأرجح أن رسائل مباشرة وصلت لهما بأن أقصى موعد للتوافق بينهما هو نهاية الشهر الحالي".
وتابع زهيو: "إذا لم يتمكنا من ذلك، فالبديل، هو إيجاد لجنة على غرار (ملتقى الحوار السياسي) بجنيف عام 2020، الذي سبق وأنتج السلطة التنفيذية الراهنة في طرابلس، لكن بشكل مصغر، وبالتالي يمكن القول إن المجلسين حالياً بسباق مع الزمن للتوافق قبل انتهاء المدة".
وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زيارته القاهرة نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، أن "إجراء الانتخابات الليبية في هذا العام، هو الطريق الوحيد للتوصل إلى حل قابل للحياة". وشدد حينها على "أهمية التقدم على أساس دستوري لعقد هذه الانتخابات، وعلى دعم بلاده جهود عبد الله باتيلي لعقدها سريعاً".
وهنا يشدد زهيو على أن ما أعلنته البعثة الأممية أخيراً على صفحتها بـ"فيسبوك" من نفي "حول تشكيل هيئة تشريعية جديدة تهدف لإيجاد حلول" ينصب ويتعلق فقط حول علاقة البعثة الأممية بإحدى المنظمات المعنية بالشأن الليبي في جنيف، التي جرت تسريبات بالساحة الليبية تشير لانخراطها في الإعداد لملتقى حوار سياسي جديد.
زهيو انتقد محاولة بعض النواب وأعضاء المجلس الأعلى للدولة التقليل من الدور الأميركي بالساحة الليبية، موضحاً أن "مطلب المجلسين بشأن إيجاد حكومة جديدة موحدة للإشراف على الانتخابات مرفوض، والأرجح أنه سيتم العمل على ترميم السلطة الحالية، أي حكومة الدبيبة؛ للإسراع بإجراء الانتخابات"، مضيفاً أن "واشنطن تملك آليات عديدة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق